نص رسالة الأمير مصطفى التي أبكت الملايين وتسببت في واقعة هي الأولى من نوعها بتركيا محمد جونسر في دور الأمير مصطفى2015

صرعات السلطة، صراعات من أجل البقاء، إنها الحكمة التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء إلى الهلاك، مصائر مروعة لقاها أبرياء ومذنبين على حد السواء، البعض كان جرمه الوحيد طموح، والبعض الأخر طمع، والبعض غرور، والبعض خيانة، والبعض إخلاص، والبعض سذاجة، والبعض حب، وأخرين كانت أكبر جرائمهم ثقة قدموها لمقربين ظنوهم كذلك جهلاً، جمعهم بهم الدم، وفرقهم دم، وحالت بينهم وبين بعضهم البعض بحور من الدماء.

وحده المنتصر من يكتب التاريخ كما يقولون، ولكن لم يكن الوضع كذلك بالنسبة للأمير مصطفى الابن الأكبر للسلطان سليمان القانوني، عاشر سلاطين الدولة العثمانية، والذي عُرف بعدالته لدرجة جعلته يُلقب بالقانوني لكثرة القوانين التي شُرعت في عهده، ولكنه رغم ذلك عُرف في التاريخ كونه السلطان الذي قتل ابنه.

وبالرغم من اختلاف أراء المؤرخين بين من يرى أن الأمير مصطفى قام بخيانة استحق عليها الإعدام، وبين من يدين تصرف السلطان سليمان تجاه ابنه ويراه مذنبًا، وبين من يُحمّل السلطانة هويام زوجة السلطان سليمان الثانية وحدها كامل الذنب فيما آلت إليه الدولة العثمانية من كوراث بدأت بإعداد الأمير مصطفى ولم تنتهى حتى انتهى حكم العثمانيين واندثر من الوجود.

محمد جونسر في دور الأمير مصطفى

mbc

وعلى الرغم من أن حقائق التاريخ غير مؤكدة في كثير من الأحيان، إلا أن الأمير مصطفى ترك لوالده رسالة مؤثرة كان قد كتبها قبل ذهابه لمقابلته وهو يعلم أنه سيعدم، وتلك الرسالة جاء نصها كما تضمنته أحداث مسلسل حريم السلطان كالآتي:

"مولاي، هذه الرسالة التي سأحملها في قلبي من المحتمل أنك لن تقرأها أبدًا، لأنني أكتب لمستقبل لا أريد له أن يتحقق. هذا ما أرجوه. وإذا لم تتحقق رغبتي وقرأتم هذه الرسالة فهذا يعني أنكم فرطتم بي.

يا مولاي، يا سلطان العالم، يا أبي، بما أنكم تقرأون هذه السطور فهذا يعني أنكم نزعتم قلبكم ورميتموه، أما أنا فقد رحلت من هذه الدنيا الكاذبة.

اعلم أنكم لطختم يدكم بالدم، وبأنكم قبضتم روحًا بريئة، مع أننا تعاهدنا وأقسمت لكم أني لن أتمرد عليكم، وأنكم لم تفرطوا بي. أنا وفيت بوعدي يا أبي!

بحق ولدي الوحيد محمد، وبحق ابنتي نرجس شاه، لم أخنك يومًا إطلاقًا، لكن أنتم نكستم وعودكم وفعلتم ما قلتم أنكم لن تفعلوه يومًا.

اليوم أترك لكم هذه الدنيا الظالمة التي فرط فيها أب بابنه، لأنني بدل أن أعيش في هذه الدنيا الفانية كظالم قتل والده الذي يحب من أجل السلطة والجاه، أفضل الموت مظلومًا يا أبي.

ربما لن يكتب اسمي في صفحات التاريخ الذهبية مثل اسمكم، لن يتكلموا في المستقبل عن انتصاراتي، لن يكون لي عرشٌ احكم به العالم، وعلى الأغلب سيكتبون أنني أمير متمرد وخائن.. فليكن ذلك، ليكتبوا، وليخفوا ما يعلم الله عن عباده. بعد سنوات أو ربما بعد عصور سيأتي يوم تقصُّ فيه حكايات المظلومين.. أحدهم سيروي حكايتي.. البعض سيسمعون وسيعرفون الحقيقة، وفي ذلك اليوم يكون حق المظلوم قد عاد إلى صاحبه"

محمد جونسر في دور الأمير مصطفى

mbc

وكانت ردود أفعال الأتراك فور انتهاء تلك الحلقة مروعة حيث شهد موقع تويتر في تلك الليلة أكثر من مائتي ألف تغريدة تنعي الأمير الراحل بكلمات وداع مؤثرة.

كما شهد ضريح الأمير مصطفى في مدينة بورصة في واقعة هي الأولى من نوعها زيارات غير مسبقة من الآلاف من الأتراك بالرغم من أن الضريح كان خاضعًا لأعمال الصيانة والترميم إلا أن ذللك لم يمنع آلاف الأتراك من الصلاة والدعاء والبكاء الشديد أمام قبر الأمير مصطفى في مشهد تاريخي لم يسبق أن شهده ضريح عثماني في أيامنا الحالية