بعد "أيام الزهور": المقارنة تشتعل بين كلية "شين هوا" ومدارسنا العربية 2014

أثارت أحداث مسلسل "أيام الزهور" الذي يذاع على mbc دراما الكثير من التساؤلات حول نظام المدارس في كوريا، وهل تبدو في الحقيقة بنفس المستوى والمظهر الحضاري الذي شاهدناه خلال أحداث المسلسل؟

ثالث أفضل نظام تعليمي

النظام التعليمي الكوري يحتل المركز الثالث في قائمة أفضل النظم الدراسية في العالم، والمدارس الكورية من أرقى المدارس في العالم من حيث الإنشاءات والتجهيزات، تعتمد أنظمة التعليم التقنية والإلكترونية، وتجاوزت الأنظمة التقليدية منذ زمن ليس بالقريب.

يهتم النظام التربوي في كوريا الجنوبية بصورة فعّالة بإكساب المهارات وتعزيز القدرات الأساسية، وبالتطوير النوعي للتربية العلمية. ويضع التكنولوجيا الحديثة المتطورة نصب عينيه، ويشارك بدور كبير في عمليات التنمية من خلال بناء الإنسان الواعي المبدع والملتزم بالعمل والأخلاق، وقد شهدت كوريا الجنوبية تغيرا جذريا في معدلات الأمية خلال الـ 60 عاما الماضية؛ حيث تجاوزت نسبة الأمية في ثلاثينات القرن العشرين 70%، أما الآن فهي حوالي 1.7% عند الكبار، و0% عند الصغار.

السر وراء نجاح هذا النظام يرجع إلى زيادة حجم الاستثمار في الأبحاث والتطوير والذي قاد بدوره إلى التطور التقني، وعمل مخرجات التعليم على المحافظة على القيم والعلاقات الاجتماعية، والسلوك الحضاري، والتقدم الاقتصادي والتجاري، والتوافق مع متطلبات سوق العمل.

الجهات القائمة على التعليم

وزارة التربية والموارد البشرية هي الجهة المسئولة عن التعليم العام بمراحله الثلاث وأيضًا عن التعليم العالي، يقف وراء تطوير التعليم في كوريا الجنوبية أجهزة متعددة؛ منها: المعهد الكوري للمناهج والتقويم، ومعهد خدمات المعلوماتية والأبحاث والتربية الكورية، اللذين جاءا معبِّرين عما يحظى به التعليم من مكانة اجتماعية واهتمام من الجميع، تلك المكانة التي تترجمها ميزانية الدولة؛ حيث يستقطع التعليم ما يزيد عن 30 مليار دولار في العام، بما يمثل حوالي 20% من الموازنة العامة للدولة، كما أن الحكومة تخصص 2,6% من دخلها الإجمالي السنوي ( البالغ نحو 900 مليار دولار سنويا ) للبحث العلمي.

الهيكل التعليمي

النظام المدرسي الكوري الحديث يتكون من 6 سنوات في المدرسة الابتدائية، و3 سنوات في المدرسة المتوسطة، و3 سنوات في المدرسة الثانوية.

تصل أيام العام الدراسي في حدِّها الأدنى إلى 220 يوماً وتزيد لتصل إلى 270 يوماً، وللطلاب والمعلمين بما فيهم مدير المدرسة إجازة شهرين في الشتاء وشهر في الصيف، والمرحلة الابتدائية في كوريا مرحلة إجبارية للجميع، وهي مجانية بالكلية، ويمكن ألا يكمل الطالب التعليم بعدها، ثم تأتي المرحلة المتوسطة بنسبة التحاق قدرها 97.2% لتكون إجبارية في بعض المناطق، وهي أيضًا مجانية تمامًا، أما المرحلة الثانوية فهي غير إلزامية وغير مجانية، ونسبة مَن أنهوا المرحلة المتوسطة والتحقوا بالثانوية تصل إلى 94%، وينخرط 90% من خريجي التعليم المهني في سوق العمل، بينما يتجه الباقي منهم إلى مواصلة الدراسة.

انتقال الطلاب من سنة دراسية إلى سنة أعلى يتم بشكل تلقائي (لا يوجد نجاح ورسوب، فالطلاب تنتقل من صف لصف تلقائيا) واهتمام الاختبارات منصب فقط على تحديد مدى امتلاك الطلاب للمعلومات والمهارات والمفاهيم الأساسية، وهو ما تسعى المدرسة إليه بكل السُّبُل، حتى لو تَطَلَّب الأمر أن يستمر المدرسون مع الطلاب إلى فترات متأخرة بعد اليوم الدراسي.

تأهيل المعلمين

يحظى إعداد المعلم في نظام التعليم الكوري باهتمام كبير، فرخصة التدريس لا تعطى إلا لمن اجتاز اختبارات صارمة وحصل على شهادة البكالوريوس من إحدى الجامعات التربوية أو من أحد الأقسام التربوية في الجامعات الأخرى.

وتعد مهنة التعليم من المهن المرغوبة في كوريا نظرا لارتفاع مستوى الأمن الوظيفي ولارتفاع مستوى الدخل النسبي للمعلم مقارنة ببقية المهن الأخرى؛ حيث يبلغ معدل الدخل السنوي للمعلم قرابة 36 ألف دولار أمريكي.

يتم تأهيل المعلمين في الجامعة حسب المراحل الدراسية إذ يوجد 13 جامعة لإعداد المعلمين والمعلمات للتدريس في المرحلة الابتدائية وعدد كبير من الجامعات لإعداد معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية.

الإدارة المدرسية

يعزى الكثير من نجاح المدرسة الكورية لمدير المدرسة؛ حيث يتحمل العبء الأكبر من مسئولية مخرجات المدرسة. ويتميز مدير المدرسة في كوريا بأهمية اجتماعية كبيرة، ولا يصل إلى درجة المدير إلا مَن أمضى أكثر من 25 عاماً في مهنة التعليم، على أن يكون قد عمل معلماً لمدة لا تقل عن 20 عامًا، ثم وكيلاً لمدة 6 سنوات؛ ليصبح بعدها مديراً مسئولاً ذا صلاحيات تفوق نظيره في عدد كبير من الدول كالولايات المتحدة وبريطانيا